للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه البيهقي في "سننه" (١): من حديث عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر، أن النبي -عليه السلام- قال: "أيما رجل باع مملوكا له مال فماله لربه الأول، إلا أن يشترط المبتاع، وأيما رجل باع نخلا قد أينعت فثمرتها لربها الأول إلا أن يشترط المبتاع".

قوله: "من ابتاع نخلة" أي من اشترى نخلا، وذكر النخل ليس بقيد وإنما ذكرها لأجل أن سبب ورود الحديث كان في النخل، وهو الظاهر بدلالة قوله: "أن رجلاً اشترى نخلا قد أبَّرها صاحبها، فخاصمه إلى النبي -عليه السلام- ... الحديث، وإما لأن الغالب في أشجارهم كان النخل. فافهم.

قوله: "بعد أن تؤبر" من التأبير وهو التلقيح (٢)، يقال: أبَّرت النخلة -بالتشديد- وأبَّرتها -بالتخفيف- فهي مؤبرة ومأبورة.

قال القاضي: التأبير في النخل كالتذكير لها، وهو أن يجعل في طلعها أول ما يطلع من طلع فحل النخل أو يعلق عليه لئلا يسقط، وهو اللقاح أيضًا، وقال ابن حبيب: الإبار: شق الطلع عن الثمرة.

قوله: "بعد إبارها" بكسر الهمزة وتخفيف الباء الموحدة وهو اسم من أَبَرَت النخلة، ومعناه ما ذكرنا.

ويستفاد من أحكام:

الأول: ما ذكره الطحاوي وهو أنه يدل علي جواز بيع الثمرة على رءوس النخل قبل بُدُوِّ صلاحها؛ وذلك لأنه -عليه السلام- جعل في هذه الآثار ثمر النخل للبائع عند عدم اشتراط المشتري، فإذا اشترط المشتري ذلك يكون له، ويكون المشتري مشتريا لها أيضًا.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ٣٢٥ رقم ١٠٥٤٨).
(٢) وقال في "عمدة القاري" (١٢/ ١٠): وهو التشقيق والتلقيح، ومعناه: شق طلع النخلة الأنثى، ليُذِرَّ فيه شيء من طلع النخلة الذكر. ونقل عن القرطبي قال: وإبار كل ثمر بحسبه، وبما جرت عاداتهم فيه. بما يثبت ثمره ويعقده، وقد يعبر بالتأبير عن ظهور الثمرة وعن انعقادها.

<<  <  ج: ص:  >  >>