للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قول أن أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-.

وقد كان محمد بن الحسن يذهب إلى أن النهي الذي ذكرناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول هذا الباب هو بيع الثمر على أن يترك في رءوس النخل حتى يبلغ ويتناهى، وحتى يجذ، وقد وقع البيع عليه قبل التناهي، فيكون المشتري قد ابتاع ثمرًا ظاهرًا، وما ينميه على نخل البائع بعد ذلك إلي أن يُجذ فذلك باطل، قال: فأما إن وقع البيع بعدما تناهى عظمه وانقطعت زيادته، فلا بأس بابتياعه واشتراط تركه إلى حصاده وجذاذه، قال: فإنما وقع النهي عن ذلك لاشتراط الترك؛ لمكان الزيادة، قال: وفي ذلك دليل على أن لا بأس بذلك الاشتراط في ابتياعه بعد عدم الزيادة، حدثني سليمان بن شعيب بهذا، عن أبيه، عن محمد.

وتأويل أبي حنيفة وأبي يوسف في هذا حسن عندنا. والله أعلم.

والنظر أيضًا يشهد له؛ لأنه إذا وقع البيع على الثمار بعد تناهيها على أن ترك إلى الحصاد فالنخل ها هنا مستأجرة لتكون الثمار فيها إلى وقت جذاذها عنها، وذلك لو كان على الانفراد لم يجز، فإذا كان مع غيره، فهو أيضًا كذلك.

ش: هذا سؤال وارد من جهة أهل المقالة الأولى على ما استدلت به أهل المقالة الثانية، فيما ذهبوا إليه من جواز بيع الثمار في أشجارها بعدما ظهرت، وتقريره أن يقال: إنما أجيز بيع الثمار في الأحاديث التي استدللتم؛ لأنها مبيعة مع غيرها، وليس شيء يدل على جواز بيعها بانفرادها؛ لأنه لا ملازمة بين جواز بيعها مع غيرها، وبين بيعها وحدها، والدليل على ذلك أنا وجدنا أشياء تدخل مع غيرها في البيع بالتبعية مع أن بيعها بانفرادها لا يجوز، وذلك كالطريق، وفناء الدار، فإن من باع دارًا يدخل فيه طريقها وفناؤها، ومع هذا لا يجوز بيع الطريق ولا الفناء بانفرادها.

والجواب عنه ظاهر غنيّ عن الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>