للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد قال قوم أن النهي الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها لم يكن منه تحريم ذلك، ولكنه على المشورة منه عليهم، لكثرة ما كانوا يختصمون إليه فيه، ورووا ذلك عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-:

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبو زرعة وهب الله، عن يونس بن يزيد، قال: قال أبو الزناد: كان عروة بن الزبير يحدث، عن سهل ابن أبي حثمة الأنصاري أنه أخبره، أن زيد بن ثابت كان يقول: "كان الناس في عهد رسول الله -عليه السلام- يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر العفن والرمان وأصابه مراق".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: الصواب هو مراق وأصابه قشام عاهات يحتجون بها، والقشاب شيء يصيبه حتى لا يرطب، قال: فقال رسول الله -عليه السلام- لما كثرت عنده الحصومة في ذلك: فلا تبايعوا حتى يبدو صلاخ الثمر؛ كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم.

فدل ما ذكرنا أن ما روينا في أول هذا الباب عن رسول الله -عليه السلام- من نهيه -عليه السلام- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها إنما كان على هذا المعنى لا على ما سواه.

ش: أشار بهذا الجواب الآخر عن الأحاديث التي فيها النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، التي احتجت بها أهل المقالة الأولى، وهو أن قوما من العلماء قالوا: إن النهي الذي صدر من النبي -عليه السلام- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها؛ لم يكن ذلك على التحريم ولكنه على التشاور فيما بينهم؛ لأجل ما كانوا يختصمون إليه في كل وقت في ذلك، والدليل على ذلك ما قاله زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في الحديث المذكور، فإنه يدل على أن نهيه -عليه السلام- عن ذلك كان على التشاور فيما بينهم؛ لقطع اختصامهم حين كثر ذلك عنده -عليه السلام-.

وأخرجه بإسناد صحيح، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري شيخ النسائي وأبي بكر بن خزيمة، قال النسائي: ثقة. وعنه: صدوق، وعن أبي زرعة وهب الله بن راشد الحجري المؤذن، غمزه سعيد بن أبي مريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>