شيخ البخاري، عن محمد بن مسلم بن سُوسَن الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة الطائفي ... إلى آخره.
ومنها ما أخرجه عن أبي هريرة بإسناد صحيح، عن أبي بكرة بكار القاضي، عن حسين بن حفص الأصبهاني، عن سفيان الثوري، عن سَعْد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): ثنا أبو داود، نا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن ابن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة" انتهي.
ففي هذه الأحاديث النهي عن بيع الكيل من التمر بالثمر في رءوس الأشجار، فمتى ما حملنا تأويل العرايا على ما ذهب إليه غير أبي حنيفة، منها ما تأوله هؤلاء، فيخرج النهي عن عمومه.
وإذا حملناه على ما ذهب إليه أبو حنيفة، كان النهي على عمومه ولم يبطل منه شيء، ولا شك أن هذا أولى؛ لأن فيه العمل بالعموم، وفيما ذهب إليه غيره إبطال بعض العموم.
وأيضًا فقد روي عن النبي -عليه السلام- النهي عن بيع الرطب بالتمر كما مرت أحاديثه في الباب المعقود لها فيما مضى، فمتى ما حملنا معني العرية على ما قال غير أبي حنيفة؛ يلزم التضاد بين أحاديث النهي عن بيع الرطب بالتمر وبين أحاديث العرايا، وإذا حملناها على ما قال أبو حنيفة لا يلزم من ذلك شيء وتتفق معاني أحاديث البابين.
والأولي بل الواجب صرف وجوه الأحاديث إلى معنى ليس فيه تضاد، ولا معارضة سنة بسنة، فافهم.