للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول-: الجائحة التي توضع عن المشتري: الثلث فصاعدًا، ولا تكون فيما دون الثلث جائحة، وقال أحمد وأبو عبيد والشافعي -في قول-: تحط الجائحة في الثمار عن المشتري قلَّت أو كثرت.

وقال ابن قدامة في "المغني" (١): الكلام في هذه المسألة على فصول:

الأول: أن ما تهلكة الجائحة من الثمار من ضمان البائع في الجملة، وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك وأبو عبيد وجماعة من أهل الحديث.

الثاني: أن الجائحة: كل آفة لا صنع للآدمي فيها، كالريح والبرد والجراد والعطش.

الثالث: أن ظاهر المذهب أنه لا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها، إلا أن ما جرت العادة بتلف مثله كالشيء اليسير الذي لا ينضبط، فلا يلتفت إليه.

وقال أحمد: إني لا أقول في عشر تمرات وعشرين تمرة، ولا أدري ما الثلث، ولكن إذا كانت جائحة فوق -الثلث أو الربع أو الخمس- توضع.

وعنه رواية أخري: أن ما كان دون الثلث فهو من ضمان المشتري، وهو مذهب مالك والشافعي في القديم، لأنه لا بد أن يأكل الطائر، منها وتنثُر الريح، ويسقط منها، فلم يكن بد من ضابط واحد فاصل بن هذا وبين الجائحة، والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع، منها: الوصية وعطايا المريض.

وقال الأثرم: إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة، ولأن الثلث في حد الكثرة، وما دونه في حد القلة، ودليله قوله -عليه السلام- في الوصية: "الثلث والثلث كثير" ووجه الرواية الأولى عموم الأحاديث، فإن النبي -عليه السلام- أمر بوضع الجوائح، ولم يفرق بين القليل والكثير، إذا ثبت هذا؛ فإنه إذا تلف شيء له قدر خارج عن العادة؛ وضع من الثمن بقدر الذاهب، وإن تلف الجميع بطل العقد ويرجع المشتري بجميع الثمن،


(١) "المغني" (٤/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>