للثمن الذي عليه للبائع، ولا شيئًا منه؛ لأنه -عليه السلام- لم يحكم ببطلان دين الغرماء فيه بذهاب الثمار.
وقال ابن حزم: أخرج رسول الله -عليه السلام- هذا الرجل الذي أصيب في ثمار من ماله كله لغرمائه، ولم يسقط عنه لأجل الجائحة شيئًا، فدل ذلك أن الجائحة التي تحدث في يد المشتري لا تبطل شيئًا من الثمن.
فإن قيل: لا نُسَلِّم هذا الذي ذكرتم لأن الحديث الأول عام، والمقصود منه البيان بوضع الجوائح، وهذا الحديث حكم في عين، ولعله اشتراها بعد تمام طيبها وإمكان جِذاذها.
قلت: هذا ممنوع؛ لأن الحديث الأول قد ذكرنا أنه في الأرضيين الخَرَاجِيَّة وليس فيه شيء يدل على أنه في الأشياء المبيعات.
وأما الحديث الثاني فإن العبرة فيه لعموم اللفظ لا لخصوص السبب؛ فافهم.
الثاني: فيه الحض على الصدقة على المديان ليقضي منها دينه.
الثالث: فيه أن الحر لا يباع في الدين، على ما كان في أول الإِسلام ثم نسخ بقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(١).
الرابع: فيه أنه لم يلزمهم بلزومه، ولا سوغه لهم، وهو حجة على من يذهب إلى خلاف ذلك.
الخامس: فيه أنه لم يسجنه -عليه السلام-، وهو حجة على شريح: في قوله: يسجن أبدًا حتى يؤدي، وإن ثبت عدمه.
السادس: فيه الحكم بأن يسلم للغرماء جميع ما يملكه، ويسوغه لهم الحاكم إن كان دينهم من جنسه، وإن كان غيره، باعه لهم الحاكم، وقسم ثمنه بينهم.
ص: فإن قال قائل: إن الثمار لا تشبه سائر البياعات، لأنها معلقة في رءوس النخل، لا تصل إليها يد من ابتاعها إلا بقطعه إياها، وسائر الأشياء ليست كذلك،