في ذلك كتاب، ولجماعة في ذلك أبواب، أكثر ذلك تكلُّف واستنباط، واستخراج محتمل، وتأويل ممكن لا يُقطع بصحته ولا يُستغنى عن الاستدلال عليه.
ثم إنه يشتمل على أحكام:
الأول: فيه من الفقه استعمال عموم الخطاب في قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}(١) دخل في ذلك الأَمَةُ ذات الزوج وغيرها؛ لأن بريرة كانت ذات زوج خيرت تحته إذ أعتقت.
الثاني: فيه جواز كتابة الأمة دون زوجها.
الثالث: فيه دليل على أن زوج الأَمَة ليس له منعها من السعي في كتابتها.
قال أبو عمر: لو استدل مستدلّ من هذا المعنى بأن الزوجة ليس عليها خدمة زوجها كان حسنًا.
الرابع: فيه دليل على أن العبد زوج الأمة ليس له منعها من الكتابة التي تؤول إلى عتقها وفراقها له، كما أن لسيد الأمة عتق أمته تحت العبد وإن أدى ذلك إلى إبطال نكاحه، وكذلك له أن يبيع أمته من زوجها الحر وإن كان في ذلك بطلان عقده.
الخامس: فيه دليل على جواز نكاح العبد الحرة؛ لأنها إذ خيرت فاختارته؛ بقيت معه وهي حرة، وهو عبد.
السادس: فيه أن المكاتب يجوز له السعي في كتابته والسؤال والتكسب به.
السابع: فيه جوازركتابة مملوكه وهو لا شيء معه، وفيه ردٌّ على من يقول: لا يجوز كتابة المكاتب حتى يكون له مال؛ واحتجوا بقوله تعالى:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}(١) قالوا: هو المال. روي ذلك عن ابن عباس وعطاء، وقال عمرو بن دينار: المال والصلاح. وقال مجاهد: الغني والأداء.
وكان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم تكن له حرفة.