وقال أبو عمر: رخص مالك وأبو حنيفة والشافعي في مكاتبة من لا حرفة له؛ وإن كان قد اختلف قول مالك في ذلك.
وكره الأوزاعي وأحمد وإسحاق مكاتبة من لا حرفة له.
وروي نحو ذلك عن عمر وابن عمر ومسروق.
الثامن: فيه دليل على إجازة كتابة الأمة وهي غير ذات صنعة ولا حرفة ولا مال، وهو ظاهر الخبر، ولم يسأل النبي -عليه السلام- هل لها كسب -أو عمل أو مال-؟ ولو كان هذا واجبًا لسأل عنه ليقع حكمه عليه؛ لأنه بُعِثَ مبينًا ومعلمًا -عليه السلام-.
التاسع: فيه دليل على جواز أخد السيد نجوم المكاتب من مسألة الناس؛ لترك النبي -عليه السلام- زجرها عن مسألة عائشة -رضي الله عنها-؛ إذ كانت تستعينها في أداء نجمها، وهذا يرد قول من كره كتابة المكاتب الذي يسأل الناس وقال: يطعمني أوساخ الناس.
العاشر: فيه دليل على أن المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته.
الحادي عشر: فيه دليل على أن عقد الكتابة من غير أداء لا يوجب شيئًا من العتق؛ خلافًا لمن جعله غريمًا من الغرماء؛ لأن النبي -عليه السلام- قد أجاز بيع بريرة، ولو كان فيها شيء من العتق ما أجاز بيع ذلك، وفي السنة المجتمع عليها: أن لا يباع الحُرّ.
قال أبو عمر في حديث بريرة: روي عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة وأم سلمة: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم واحد" وهو قول سعيد بن المسيب والقاسم وابن يسار والزهري وقتادة وعطاء، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري وابن شبرمة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري.