للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني عشر: فيه دليل على جواز بيع المكاتب إذا رضي بالبيع ولم يكن عاجزًا عن أداء نجم قد دخل عليه؛ خلافًا لمن يقول أن بيع المكاتب غير جائز إلا بالعجز.

قلت: مذهب الفقهاء في ذلك واختلافهم: ما ذكره أبو عمر في "التمهيد" فقال: قال مالك: لا يجوز بيع المكاتب إلا أن يعجز عن الأداء، فإن لم يعجز عن الأداء فليس له ولا لسيده بيعه.

وقال ابن شهاب وأبو الزناد وربيعة: لا يجوز بيعه إلا برضاه، فإن رضي بالبيع فهو عجز منه.

وقال إبراهيم النخعي وعطاء والليث وأحمد وأبو ثور: يجوز بيع المكاتب على أن يمضي في كتابته؛ فإن أدَّى عتق وكان ولاؤه للذي ابتاعه، وإن عجز فهو عبد له.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز بيع المكاتب ما دام مكاتبًا حتى يعجز، ولا يجوز بيع كتابته بحال.

وهو قول الشافعي بمصر، وكان بالعراق يقول: يجوز بيعه، وأما بيع كتابته فغير جائز بحال.

الثالث عشر: فيه دليل على أن بيع الأمة ذات الزوج ليس بطلاق لها؛ لأن العلماء قد اجتمعوا -ولم تختلف في ذلك الآثار أيضًا-: أن بريرة كانت حين اشترتها عائشة -رضي الله عنها- ذات زوج، وإنما اختلفوا في زوجها هل كان حرًّا أو عبدًا.

وقد أجمع علماء المسلمين على أن الأمة إذا أعتقت زوجها عبد أنها تُخَيَّر، واختلفوا إذا كان زوجها حرًّا هل تُخَيّر أم لا؟ وقد مضى الكلام فيه في كتاب النكاح.

الرابع عشر: فيه أن النبي -عليه السلام- أجاز بيع بريرة على ذلك الشرط الفاسد وهو اشتراط موالي بريرة لأنفسهم الولاء دون عائشة وهي مُعْتِقَة، وقد احتجت به إحدى الفرقتين من أهل المقالة الثانية؛ كما ذكرناه، وسيجيء الجواب عن ذلك إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>