للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عياض: فقوله -عليه السلام-: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" فيجب أن يعلم أن الشروط المقارنة للبيع لا تخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تكون من مقتضى العقد كالتسليم وجواز التصرف في المبيع، وهذا لا خلاف في جواز اشتراطه؛ لأنه يقضى به وإن لم يشترط.

والثاني: أن لا تكون من مقتضاه ولكنها من مصلحته كالحميل والزهي واشتراط الخيار، فهذا أيضًا يجوز اشتراطه؛ لأنه من مصلحته؛ فأشبه ما كان من مقتضاه، ولكنه إنما يقضى به مع الاشتراط، وإن لم يشترط فلا يقضي به، وهذا يفارق القسم الأول.

والثالث: أن تكون خارجة عن ذلك مما لا يجوز اشتراطه في العقود، بل يمنع من مقتضى العقد أو يوقع فيه غررًا أو غير ذلك من الوجوه الممنوعة، فهذا موضع اضطراب العلماء، ومسائل المذهب مضطربة فيه، ولكن المشهور فيه على الجملة في القول المطلق: أن البيع والشرط جميعًا يُنْقَضان ويبطلان؛ لقوله -عليه السلام-: "من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد".

قوله: "قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق" قال الداودي: وشرط الله ها هنا أُرَاهُ -والله وأعلم- قوله تعالى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (١)، وقوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} (٢)، وقال في موضع آخر هو قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (٣)، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ...} (٤) الآية.

قال القاضي: وعندي أن الأظهر هو ما أعلم به -عليه السلام- من قوله: "إنما الولاء لمن أعتق"، و"مولى القوم منهم"، و"الولاء لحمة كالنسب".


(١) سورة الأحزاب، آية: [٥].
(٢) سورة الأحزاب، آية: [٣٧].
(٣) سورة البقرة، آية: [١٨٨].
(٤) سورة الحشر، آية: [٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>