للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقوله في بعض الروايات: "كتاب الله أحق" يحتمل أن يريد حكمه، ويحتمل أن يريد القرآن، ويرجع إلى ما تقدم من قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (١) أو الآيتين الآخرين.

وفيه جواز السجع غير المتكلف، وإنما نهى النبي -عليه السلام- عن سجع الكهان وما أشبهه مما فيه تكلف، وإقسام على مطوي الغيب.

ص: فإن قال قائل: فإن هشام بن عروة قد رواه عن أبيه فزاد فيه شيئًا.

قلنا له: صدقت.

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، ثنا الشافعي، عن مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: "جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كل عام أوقية؛ فأعينيني، فقالت لها عائشة: إن أحبَّ أهلك أن أعدها لهم عددتها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت.

فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله -عليه السلام- جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها، فأخبرته عائشة فقال: خذيها واشترطي؛ فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة -رضي الله عنها-، فقام رسول الله -عليه السلام- في الناس ... " فذكر مثل ما في حديث الزهري.

حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك ... فذكر بإسناده مثله.

ففي هذا الحديث مثل ما في حديث الزهري: أن الذي كان فيه الاشتراط من أهل بريرة أن يكون الولاء لهم وإباء عائشة إلا أن يكون الولاء لها هو أداء عائشة عن بريرة الكتابة، فقد اتفق الزهري وهشام على هذا الحديث، وخالفا في ذلك أصحاب الأحاديث الأُوَل، وزاد هشام على الزهري قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذيها واشترطي؛ فإنما الولاء لمن أعتق".


(١) سورة الأحزاب، آية: [٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>