هكذا في حديث هشام، وموضع هذا الكلام في حديث الزهري:"ابتاعي وأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق".
ففي هذا اختلف هشام والزهري، فإن كان الذي يعتبر في هذا هو الضبط والحفظ فيؤخذ بما روى أهله ويترك ما روى الآخرون، فإن ما روى الزهري أولى؛ لأنه أضبط وأتقن وأحفظ من هشام.
وإن كان الذي يعتبر في ذلك هو التأويل، فإن قوله:"خذيها" قد يجوز أن يكون معناه: وابتاعيها، كما يقول الرجل لصاحبه: بكم أخذت هذا العبد؟ يريد: بكم ابتعت هذا العبد؟ وكما يقول الرجل للرجل: خذ هذا العبد بألف درهم، يريد بذلك: البيع، ثم قال رسول الله -عليه السلام-: "واشترطي" فلم يبين رسول الله -عليه السلام- ما يشترط، فقد يجوز أن يكون أراد: واشترطي ما يشترط في البياعات الصحاح.
فليس في حديث هشام هذا -لما كشف معناه- خلاف لشيء عما في حديث الزهري، ولا بيان فيهما كيف حكم البيع إذا وقع فيه مثل هذا الشرط، هل يكون فاسدًا أو يكون جائزًا؟
ش: حاصل هذا السؤال أن يقال: كيف تقول: وليس في حديث عروة المذكور ما يدل على اشتراط الولاء في البيع كيف حكمه: هل يجب به فساد البيع أم لا؟ وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، نحو حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة، وزاد فيه شيئًا وهو قوله:"خذيها واشترطي" على ما يجيء بيانه الآن؟ فإنه يدل على أن البيع صحيح بهذا الشرط مع بطلان الشرط.
وتقرير الجواب أن يقال: إن حديث الزهري وحديث هشام متفقان على أن الذي كان فيه الاشتراط من أهل بريرة أن يكون الولاء لهم، وأن عائشة أَبَتْ إلا أن يكون الولاء لها، فقد اتفق الزهري وهشام على هذا، ولكنهما خالفا في ذلك سائر رواة الحديث التي مضت في الفصل الأول، وزاد هشام على الزهري قوله -عليه السلام-: "خذيها"، وفي حديث الزهري عوض هذه اللفظة:"ابتاعيها".