للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو بكر الجصاص -رحمه الله-: لم يتأول السلف المسجد الحرام على الحرم كله إلا والاسم شامل له من طريق الشرع، إذ غير جائز أن تتأول الآية على معنى لا يحتمله اللفظ، وفي ذلك دليل على أنهم قد علموا وقوع اسم المسجد على الحرم من طريق التوقيف، ويدل عليه قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (١)، والمراد -فيما روي-: الحديبية، وهي بعيدة من المسجد قريبة من الحرم، وروي أنها على شفير الحرم.

وروى المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: "أن النبي -عليه السلام- كان مضربه في الحل ومصلاه في الحرم"، وهذا يدل على أنه أراد بالمسجد الحرام ها هنا الحرم كله، ويدل عليه قوله تعالى: {يسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} (٢) والمراد إخراج المسلمين من مكة حين هاجروا إلى المدينة فجعل المسجد الحرام عبارة عن الحرم، ويدل أن المراد جميع الحرم كله قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٣) والمراد به من انتهك حرمة الحرم بالظلم فيه.

وإذا ثبت ذلك اقتضى بقوله: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (٣) تساوي الناس كلهم في سكناه والمقام فيه، والله أعلم.

ثم أثر ابن عباس: أخرجه عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي فيه مقال، فعن أحمد: ضعيف ليس بشيء. وعن يحيى والنسائي: ضعيف. وقال عمرو بن علي: ليس بشيء.


(١) سورة التوبة، آية: [٧].
(٢) سورة البقرة، آية: [٢١٧].
(٣) سورة الحج، آية: [٢٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>