للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجواب عنه: فهو أنه روي في تأويل هذه الآية عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح -رضي الله عنهم- ما يدل على أن المراد من قوله: {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (١) وهو البيت نفسه أو المسجد الحرام نفسه، وليس المراد منه سائر مكة.

فإذا كان كذلك لا يتساوى الناس في غير المسجد الحرام؛ لأن بعضهم يكونون ملاكًا وبعضهم يكونون سكانًا، فالمالك يجوز له بيع ملكه وإجارته ونحوهما فافهم.

ويخدش هذا: ما روي عن ابن عباس أيضًا قال: كانوا يرون الحرم كله مسجدًا سواء العاكف فيه والبادي.

وروى يزيد بن زياد، عن عبد الرحمن بن سابط: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} قال: من يجيء من الحاج والمعتمرين سواء في المنازل، ينزلون حيث شاءوا غير أن لا يخرج من ساكنه".

قال: وقال ابن عباس في قوله: " {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (١) قال: العاكف: فيه أهله، والبادي: من يأتيه من أرض أخرى وأهله في المنزل سواء".

وروى الثوري، عن منصور، عن مجاهد، قال: قال عمر -رضي الله عنه-: "يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابًا لينزل البادي حيث شاء".

وروى عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن عمر -رضي الله عنه- نهى أهل مكة أن يغلقوا أبواب دورهم دون الحاج".

وروى ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمر قال: "من أكل من كراء بيوت أهل مكة فإنما يأكل نارًا في بطنه".

وروى عثمان بن الأسود، عن عطاء، قال: "يكره بيع بيوت مكة وكراها" (٢).


(١) سورة الحج، آية: [٢٥].
(٢) كل هذه الآثار ذكرها الجصاص في كتابه "أحكام القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>