قيل له: قد روي في تأويل هذا عن المتقدمين ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:" {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}(١) قال: خَلْقُ الله فيه سواء".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين، قال:"أردت أن أعتكف فسألت سعيد بن جبير وأنا بمكة، فقال: أنت عاكف، ثم قرأ {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} ".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء قال:" {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} قال: الناس في البيت سواء، ليس أحد أحق به من أحد".
فثبت بذلك أنه إنما قصد بذلك إلى البيت أو إلى المسجد الحرام لا إلى سائر مكة.
وهذا قول أبي يوسف -رحمه الله-.
ش: لما احتج بعض أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه بقوله تعالى: {نَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ....}(١) ذكر ذلك الطحاوي ثم أجاب عنه.
أما بيان احتجاجهم فهو أن الله تعالى جعل المسجد الحرام للناس سواء العاكف فيه والبادي، فمقتضاه أن يتساووا كلهم في سكناه والمقام فيه.
وإذا ثبت ذلك وجب أن لا يجوز بيعه؛ لأن لغير المشتري سكناه كما للمشتري، ولا يصح للمشتري تسليمه والانتفاع به حسب الانتفاع بالأملاك، وهذا يدل على أنه غير مملوك.
فإن قيل: يحتمل أنه يريد به أنهم متساوون في وجوب اعتقاد تعظيمه وحرمته.
قيل له: هو على الأمرين جميعًا من اعتقاد تعظيمه وحرمته، ومَنْ يساويهم في سكناه والمقام به.