للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساعةً يأتيه فيها، فذهبت الساعة ولم يأته، فخرج النبي -عليه السلام- فإذا بجبريل -عليه السلام- على الباب، فقال: ما منعك أن تدخل البيت؟! قال: إن في البيت كلبًا وإنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، فأمر رسول الله -عليه السلام- بالكلب فأخرج، ثم أمر بالكلاب أن تقتل".

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يحيى بن صالح الوُحَاظي، قال: ثنا معاوية بن سلام، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، أن السائب بن يزيد أخبره، أن سفيان بن أبي زهير أخبره، أنه سمع النبي -عليه السلام- يقول: "من أمسك الكلب فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: فكان هذا حكم الكلاب أن تقتل ولا يحل إمسكها ولا الانتفاع بها، فما كان الانتفاع به حرامًا فثمنه حرام، فإن كان نهي النبي -عليه السلام- عن ثمن الكلب كان وهذا حكمها؛ فإن ذلك قد نسخ فأبيح الانتفاع بالكلاب.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه على أهل المقالة الأولى مما احتجوا به عليهم من الأحاديث المذكورة: أن هذا إنما كان حين كان حكم الكلاب أن تقتل ولا يحل إمساك منها ولا الانتفاع بها، ولا شك أن ما حرم الانتفاع به كان ثمنه حرامًا، فلما أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الانتفاع بها للاصطياد ونحوه ونهى عن قتلها؛ نسخ ما كان من النهي عن بيعها وتبادل ثمنها.

فإن قيل: ما وجه هذا النسخ؟

قلت: وجهه ظاهر، وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة، فلما ورد النهي عن اتخاذ الكلاب وورد الأمر بقتلها، علمنا أن اتخاذها حرام، وأن بيعها حرام أيضًا؛ لأن ما كان الانتفاع به حرامًا فثمنه حرام كالخنزير ونحوه.

ثم لما وردت الإباحة بالانتفاع بها للاصطياد ونحوه وورد النهي عن قتلها؛ علمنا أن ما كان قبل ذلك من الحكمين المذكورين قد انتسخ بما ورد بعده، ولا شك أن الإباحة بعد التحريم نسخٌ لذلك التحريم ورفعٌ لحكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>