ثم قيل: يحتمل ذلك لما يُدْخِله من الروع على المسلمين والأذى لهم يكتسب من الإثم بما ينقص من أجر عمله هذا المقدار ويوازنه لو لم يكن.
وقيل: بل ذلك عقوبة له لاتخاذه ما نهي عنه وعصيانه في ذلك.
وقيل: بل إن امتناع دخول الملائكة بيته بسببه.
وقيل: بل لما يكتسبه من مراقبة أحكام اتخاذه من غسل الإناء من ولوغها ومن نجاستها -عند من يراها نجسة- وأنه لا يكاد يتحفظ منه ويراعي ذلك، فيدخل عليه الإثم من أجله، فيدخل عليه في هذه الوجوه من السيئات ما ينقص عمله وأجره في يومه.
وقيل: يكون ذلك بذهاب أجره في إحسانه إليه من أن في الكل ذي كبد رطبة أجر، فقد يمحق أجره في ذلك وينقصه ما يلحق مقتنيه من السيئات بترك أدائه العبادات فيه ومراعاة أحكامه، أو لترويع غيره.
وقيل: يختص هذا النقص من البر ما يطابق الإثم وهو أجره من تغيير المنكر كل يوم فينتقص منه ذلك القدر لموافقته في اتخاذ الكلب مثله، والله أعلم بما أراد رسوله.
وذكر القيراط هنا تقدم لمقدار الله أعلم به وما جاء في الحديث الآخر من قوله:"قيراطان"، فقيل: يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب أحدهما أشد أذى من الآخر، أو لمعنى فيهما، أو يكون في اختلاف المواقع فيكون القيراطان في المدينة خاصة والقيراط في غيرها، أو القيراطان في المدائن والحواضر والقيراط في غيرها، أو يكون ذلك في زمنين فذكر القيراط أولاً ثم أراد التغليظ فذكر القيراطين، والله أعلم بمراده.
ص: وروي في ذلك ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من اقتنى كلبًا -إلا كلبًا ضاريًا بصيد أو كلب ماشية- فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان".