للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أبو يعلى أيضًا في "مسنده": ثنا المقدمي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا موسى بن عبيدة، حدثني أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم، عن سلمى امرأة أبي رافع، عن أبي رافع: "أن جبريل -عليه السلام- أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن فأذن له، فأبطأ عليه، فأخذ النبي -عليه السلام- رداءه ثم خرج إليه فقال: قد أذنَّا لك، قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة. قال أبو رافع: فأمرني النبي -عليه السلام- أن أقتل كل كلب بالمدينة، فخرجت فإذا امرأة عندها كلب فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأمرني أن أعود إلى الكلب فأقتله، ثم جاء الناس فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت النبي -عليه السلام- فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (١) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أرسل الرجل كلبه وذكر اسم الله عليها يؤكل ما لم يأكل".

ثم الكلام في معنى الآية الكريمة: فقوله: {الطَّيِّبَاتُ}: يتناول المعنيين:

أحدهما: الطيب المستلذ، والآخر: الحلال؛ وذلك لأن ضد الطيب هو الخبيث، والخبيث حرام، فإذًا الطيب حلال، والأصل فيه الاستلذاذ، فشبه الحلال به في انتفاء المضرة فيهما جميعًا.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا} (٢) يعني الحلال. قال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (٣) فجعل الطيبات في مقابلة الخبائث، والخبائث هي المحرمات، وقال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (٤) وهو يحتمل ما حَلَّ لكم، ويحتمل ما استطبتموه.


(١) سورة المائدة، آية: [٤].
(٢) سورة المؤمنون، آية: [٥١].
(٣) سورة الأعراف، آية: [١٥٧].
(٤) سورة النساء، آية: [٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>