للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حزم: وقال أصحابنا: إن أقرَّ بعد جحوده وصِدْق البينة قبلنا توبته، وإن تمادى على الإنكار قتل ولابد.

وقالت طائفة: يُفرَّق بين من ارتد ثم رجع ثلاث مرات، وبين من ارتدَّ إلى أربعة، فرأوا أن يقتل في الرابعة ولا تقبل توبته. وهو قول إسحاق بن راهويه.

وقالت طائفة: يُفرَّق بين من أسلم وعرف شرائع الإِسلام وبين من أسلم ولم يعرف شرائع الإِسلام. ويروى نحو هذا عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.

وقالت طائفة: يُفرَّق بين من صلى ومن لم يصلّ. وهو قول عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك؛ فإنه قال: من أسلم من أهل الكفر إلا أنه لم يصل فإنه يترك والرجوع إلى دينه متى شاء ولا يمنع إلا أن يصلي، فإن صلى فحينئذٍ يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل.

وقالت طائفة: يُفرَّق بين الرجل والمرأة، فكما روينا عن ابن عباس قال: "المرتدة تحبس ولا تقتل". وعن الحسن البصري: "المرتدة تباع وتكره". كذلك فعل أبو بكر بنساء أهل الردة وباعهن.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال في المرتدة: "تستأمى"، أي تجعل أمةً، وعن الزهري أنها تستتاب، فإن تابت إلا قتلت. وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وأبو سليمان وجميع أصحابهم، وهو أحد قولي أبي يوسف، ثم رجع عنه، وهو قول ابن أبي ليلى وعثمان البتي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وغيرهم.

قلت: مذهب أبي حنيفة وأصحابه في المرتدة أنها لا تقتل، ولكنها تحبس وتجبر على الإِسلام بالضرب في كل يوم مبالغة في الإلجاء إلى الإِسلام؛ لأنه -عليه السلام- نهى عن قتل النساء.

ص: وقد روي في استتابة المرتد وتركها عن جماعة من أصحاب رسول الله -عليه السلام-، فمن ذلك ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أنا هشيم،

<<  <  ج: ص:  >  >>