تعال حتى نسأل هذا النبي، فقال له الآخر: لا تقل له: نبي فإنه إن سمعها صارت له أربعة عين، فأتاه فسأله عن هذه الآية:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}(١). فقال: لا تشركوا بالله شيئًا, ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا, ولا تزنوا, ولا تسحروا ,ولا تأكلوا الربا, ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا في السبت. قال: فقبلوا يده وقالوا: نشهد إنك نبي، قال: فما يمنعكم أن تتبعوني، قالوا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود".
ففي هذا الحديث أن اليهود كانوا أقروا بنبوة رسول الله -عليه السلام- مع توحيدهم لله تعالى فلم يأمر بترك قتالهم رسول الله -عليه السلام- حتى يقروا بجميع مع يقر به المسلمون، فدلّ ذلك أنهم لم يكونوا بذلك القول مسلمين، وثبت أن الإِسلام لا يكون إلا بالمعاني التي يدل على الدخول في الإسلام، وترك سائر الملل.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم جماهير العلماء من الفقهاء والمحدثين، منهم: أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد في رواية صحيحة.
قوله: "وقالوا: لا حجة لكم" أي قال هؤلاء الآخرون، وهذه إشارة إلى الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من الأحاديث المذكورة.
وملخصه: أن المشرك وعابد الوثن أو النار أو نحوهما إذا قال: لا إله إلا الله؛ يحكم بإسلامه. والكافر الذي يوحد الله وينكر نبوة محمد -عليه السلام-، أو يعترف بنبوته ولكن يدعي أنها مخصوصة بالعرب إذا قال: لا إله إلا الله؛ لا يحكم بإسلامه حتى يقول: محمد رسول الله، ويتبرأ عن كل دين سوى دين الإِسلام.