أحد ابن أربع عشر سنة، وفي ذاك الحديث:"عرضت على رسول الله -عليه السلام- في يوم أحد وأنا ابن أربع عشر سنة فلم يجزني في المقاتلة".
فهذا تعارض ظاهر جليّ، فإذا كان كذلك لم يكن فيه حجة لأحد الفريقين على الآخر، فحينئذٍ يُحتاج في ذلك أن يُلتمس حكم هذا الباب من طريق النظر والقياس الصحيح ليُستخرج به من القولين قول صحيح يُعتمد عليه، وبيَّن الطحاوي ذلك بقوله: فرأينا الله -عز وجل- قد جعل عدة المرأة ... إلى آخره. وهو ظاهر.
قوله:"وأجمع أن هناك خلف" أي أجمع العلماء أن في عدم الاحتلام خلفًا وهو البلوغ بالسن، فقال قوم، وهم: أبو يوسف ومحمد والشافعي: هو بلوغ خمس عشرة، وقال قوم آخرون وهم: أبو حنيفة ومن تبعه فيما ذهب إليه من بلوغه في ثمان عشرة سنة.
المعنى الثاني: أنه أشار إلى أن الصحيح الذي يقتضيه وجه النظر والقياس: هو قول أبي يوسف ومن تبعه في ذلك، وأنه هو اختياره أيضًا، وهو معنى قوله:"فثبت بالنظر الصحيح ... " إلى آخره، وإنما قال: بالنظر -يعني بالقياس- لا بالأثر؛ لأن الأثر الذي احتج به أبو يوسف فيما ذهب إليه ليس احتجاجه به تامًّا كما ذكرنا.
قوله:"وابنَ عمر يوم بدر" بنصب الابن؛ لأنه عطف على الضمير المنصوب في قوله:"عرضني رسول الله -عليه السلام-"، وإنما ذكر قوله:"أنا" ليحسن العطف على الضمير؛ لئلا يتوهم عطف الاسم على الفعل.
قوله:"وقد روي عن سعيد بن جبير في هذا" أي من أن البلوغ عند عدم الاحتلام بثماني عشرة سنة مثل قول أبي حنيفة.
أخرجه عن روح بن الفرج القطان المصري شيخ الطبراني، عن يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المصري شيخ البخاري، عن عبد الله بن لهيعة المصري -فيه مقال- عن عطاء بن دينار الهذلي أبي طلحة المصري -ثقة- عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه-.