قوله:"وذراريَّهم" بتشديد الياء وهو الفصيح، وقد تخفف وهو جمع ذُريَّة.
قوله:"هم منهم" أي أحكام النساء والولدان من أحكام رجالهم وآبائهم؛ لأن أحكامهم جارية عليهم في أحوالهم.
وقال الخطابي:"هم منهم" يريد في حكم الدين، فإن ولد الكافر محكوم له بالكفر، ولم يُرِد بهذا القول إباحة دمائهم تعمدًا لها وقصدًا إليها، وإنما هو إذا لم يمكن الوصولَ إلى الآباء إلا بهم فإذا أصيبوا لاختلاطهم بالآباء؛ لم يكن عليهم في قتلهم شيء، وقد نهى النبي -عليه السلام- عن قتل النساء والصبيان، فكان ذلك على القصد لا قتال منهن، فإذا قاتلن فقد ارتفع الحظر، وأحل دماء الكفار إلا بشرائط الحقن.
قلت: هذا الذي ذكره الخطابي خلاصة ما ذكره الطحاوي، وقد أخذه من كلامه.
وقال الحازمي: رأى بعضهم حديث الصعب منسوخًا -منهم: ابن عيينة والزهري- بحديث الأسود بن سريع:"ألا لا تُقتلن ذرية"، وبحديث كعب بن مالك:"نهى عن قتل النساء والولدان إذ بعث إلى ابن أبي الحقيق".
قال الشافعي: وحديث الصعب كان في عمرة النبي -عليه السلام- فإن كان في الأولى فقتل ابن أبي الحقيق قبلها أو في سنتها، وإن كان في عمرته الآخرة فهو بعد ابن أبي الحقيق بلا شك.
قال: ولم نعلمه رخص في قتل النساء والصبيان ثم نهى عنه.
قلت: حديث الصعب كان في عمرة القضية؛ جاء ذلك في غير ما حديث صحيح، والوجه في أحاديث هذا الباب ما ذكره الطحاوي الذي قد قررناه عن قريب، والله أعلم.
ص: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذي عضَّ ذراع رجل فانتزع ذراعه فسقط ثنيتا العاضّ أنه أبطل ذلك، وتواترت عنه الآثار في ذلك فمنها: ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبيّ، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، عن عميه سلمة بن أمية ويعلى بن