للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، ومن قتل قتيلاً فله كذا، ثم قسمها بينهم بالسواء؛ وذلك لأنه غير جائز على النبي -عليه السلام- خلف الوعد ولا استرجاع ما جعله لإنسان وأخذه منه وإعطاؤه غيره، والصحيح أنه لم يتقدم من النبي -عليه السلام- قول في الغنائم قبل القتال، فلما فرغوا من القتال وتنازعوا في الغنائم؛ أنزل الله -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (١) فجعل أمرها إلى النبي -عليه السلام- في أن يجعلها لمن يشاء، فقسمها بينهم بالسواء، ثم نسخ ذلك بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} (٢) على ما روي عن ابن عباس ومجاهد؛ فجعل الخمس لأهله وللمسليمن في الكتاب والأربعة الأخماس للغانمين، وبين النبي -عليه السلام- سهم الفارس والراجل وبقي حكم النفل قبل إحراز الغنيمة بقوله: "من قتل قتيلاً فله سلبه، ومن أصاب سبياً فهو له".

قلت: القول المذكور بأن ما في حديث عبادة وابن عباس: "أن النبي -عليه السلام- قال يوم بدر. . ." إلى آخره غلط غير صحيح؛ لأن الحديث المذكور أخرجه أبو داود بطرق صحيحة، وأخرجه الطحاوي كذلك، وتعليلهم بقولهم لأنه غير جائز على النبي -عليه السلام- خلف الوعد. . . إلى آخره، غير صحيح؛ لأن الطحاوي قد تعرض إلى ذلك بقوله: فإن قال قائل: فما وجه منعه -عليه السلام- إياهم. . . إلى آخره.

ثم أجاب عن ذلك بجواب يقطع شغب هؤلاء، ويرد ما ذكروه على ما يأتي الآن إن شاء الله تعالى.

الثالث: فيه جواز التحريض للإِمام بعض الغزاة المقاتلين الشجعان وحثهم على القتال بقوله: "من فعل كذا فله كذا".

ص: فإن قال قائل: فما وجه منعه -عليه السلام- إياهم مما كان جعله لهم؟

قيل له: لأن ما كان جعله لهم فإنما كان لأن يفعلوا ما هو صلاح لسائر المسلمين


(١) سورة الأنفال، آية: [١].
(٢) سورة الأنفال، آية: [٤١].

<<  <  ج: ص:  >  >>