ما جاء بك أي بنية؟ فقالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فقال: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله, فأتيناه جميعًا، فقال علي -رضي الله عنه-: يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة -رضي الله عنها-: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة، فأخدمنا، فقال: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم، فرجعا، فأتاهما النبي -عليه السلام- وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطت رءوسها تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامها تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال: كلمات علمنيهن جبريل -عليه السلام-، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرًا وتحمدان عشرًا وتكبران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعًا وثلاثين، قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله -عليه السلام-، قال: فقال له ابن الكواك: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم ولا ليلة صفين".
قوله: "بسَعَة" السعة بفتحتين الجدة والطاقة، وأراد بها المال.
قوله: "تطوى بطونهم" يقال: طَوِيَ من الجوع يَطْوَى طوى، فهو طاوٍ: أي خالي البطن جائع لم يأكل، وطَوَى يَطْوِي إذا تعمد ذلك.
قال الجوهري: الطَّوَى الجوع، يقال: طَويَ -بالكسر- يَطْوِي طوًى فهو طاوٍ ووطيًّان، وطَوَى -بالفتح- يَطْوِي طيًّا إذا تعمد لذلك.
قوله: "لقد سنوت" أي استقيت، ومنه السانية، وهي الناقة التي يستقى عليها.
قوله: "حتى مجلت يداي" يقال: مَجَلت يده تَمْجُل مَجْلاً ومَجِلَت تَمْجَلُ مَجَلاً إذا ثَخنُ جلدها وتَعَجَّر وظهر منها ما يشبه البثر من العمل في الأشياء الصلبة الخشنة.