فثبت بذلك أنه لو كان ما جعل لهم في ذلك هو لعلة الفقر لا لعلة القرابة إذًا لما أدخل أغنياءهم مع فقرائهم فيما جعل لهم من ذلك، وَلَقَصَدَ إلى الفقراء منهم دون الأغنياء، فأعطاهم كما فعل في اليتامى، فلما أدخل أغنياءهم وفقراءهم ثبت بذلك أنه قصد بذلك إلى أعيان القرابة بعلة قرابتهم لا لعلة فقرهم.
ش: أي فلما اختلف هؤلاء الفرق الثلاث في حكم سهام ذوي القربى هذا الاختلاف المذكور فذهب كل فريق إلى مذهب واحتج لما ذهب إليه بما ذكر من الحجج؛ وجب الكشف عن ذلك كله ليعلم القول الصحيح من هذه الأقوال الثلاثة ويعتمد عليه.
قوله:"فابتدأنا بقول الذي نفى. . . " إلى آخره، هو قول أهل المقالة الأولى الذين ذهبوا إلى أن ذوي قرابة رسول الله -عليه السلام- لا سهم لهم في الخُمس معلومٌ، وإنما أعطى لهم من ذلك ما أعطى؛ لأجل حاجتهم وفقرهم كما أعطى منه للمساكين واليتامى، فإذا كان كذلك تكون العلة في ذلك هي الفقر والاحتياج، فإذا ارتفعت هذه العلة ارتفع الحكم المذكور، وأشار إلى هذا المعنى بقوله:"فوجدنا رسول الله -عليه السلام- قد قسم. . ." إلى آخره.
قوله:"وعمهم جميعًا" من التعميم وهو الشمول.
ص: وأما ما ذكروا من حديث فاطمة -رضي الله عنها- حيث سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُخدمها خادمًا من السبي الذي كان قدم عليه، فلم يفعل ووكلها إلى ذكر الله -عز وجل- والتسبيح، فهذا ليس فيه عندنا دليل لهم على ما ذكروا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لها عندما سألته: لا حق لك فيه، ولو كان ذلك كذلك لبيَّن ذلك لها كما بينه للفضل بن العباس وربيعة بن الحارث حين سألا أن يستعملهما على الصدقة ليصيبا منها، فقال لهما: إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهل بيته وقد يجوز أن يكون لم يعطها الخادم حينئذٍ لأنه لم يكن قسم، فلما قسم أعطاها حقها من ذلك وأعطى غيرها أيضًا حقه، فيكون تركه إعطائها إنما كان لأنه لم يقسم، ودلَّها على