للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسبيح الله وتحميده وتهليله الذي يرجو لها به الفوز من الله -عز وجل- والزلفى عنده، وقد يجوز أن يكون أخدمها من ذلك بعد ما قسم، ولا نعلم في الآثار ما يدفع شيئًا من ذلك، وقد يجوز أن يكون منعها منه لأنها ليست قرابة، ولكنها أقرب من القرابة؛ لأن الولد لا يقال: هو من قرابة أبيه، إنما يقال ذلك لمن غيره أقرب إليه منه، ألا ترى إلى قول الله -عز وجل-: {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (١)، فجعل الوالدين غير الأقربين؛ لأنهم أقرب من الأقربين؟ فكما كان الوالد يخرج من قرابة ولده، فكذلك الولد يخرج من قرابة والده، وقد قال محمد بن الحسن: نحوًا مما ذكرنا، في رجل قال: قد أوصيت بثلث مالي لقرابة فلان: أن والديه وولده لا يدخلون في ذلك؛ لأنهم أقرب من القرابة وليسوا بقرابة، واعتلَّ في ذلك بهذه الآية التي ذكرنا.

فهذا وجهٌ آخر، فارتفع بما ذكرنا أن يكون لهم أيضًا بحديث فاطمة -رضي الله عنها- هذا حجة في نفي سهم ذوي القربى.

ش: هذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه، وكانوا قد احتجوا على ذلك بحجج، منها حديث فاطمة -رضي الله عنها- على ما مرَّ؛ فأجاب عن ذلك بقوله: "وأما ما ذكروا من حديث فاطمة -رضي الله عنها-. . ." إلى آخره، وبنى الجواب عن ذلك على ثلاثة أوجه:

الأول: هو قوله: "فهذا ليس فيه عندنا دليل. . ." إلى آخره.

تقريره أن يقال: لا نُسلِّم أنَّ حديث فاطمة يدل على ما ذكرتم؛ لأنه لم يقل لها عند سؤالها: ليس لك فيه حق؛ إذ لو كان منعه إياها عنه لعدم استحقاقها بذلك لكان -عليه السلام- قد بيَّنه لها؛ لأنه موضع الحاجة إلى البيان، كما بين للفضل بين العباس وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف حين سألاه أن يستعملهما على الصدقة ليصيبا منها، فقال لهما: "إنما هي" -أي الصدقة- "أوساخ الناس" أي


(١) سورة البقرة، آية: [٢١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>