للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أنا ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي سلام، عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -عليه السلام- أخذ يوم حنين وبرةً من جنب بعير، ثم قال: يا أيها الناس، إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخُمس، والخُمس مردودٌ فيكم، فأدوا الخيط والمخيط، وكان رسول الله -عليه السلام- يكره الأنفال، وقال: ليَرُدَّ قوي المؤمنين على ضعفيهم".

أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخُمس"؟ فدلَّ ذلك أن ما سوى الخُمس من الغنائم للمقاتلة لا حكم للإمام في ذلك، ثم كره رسول الله -عليه السلام- الأنفال، وقال: "ليَرُدَّ قوي المؤمنين على ضعيفهم"، أي لا يفضل أحد من أقوياء المؤمنين مما أفاء الله عليهم لقوته على ضعيفهم لضعفه، ويستوون في ذلك، واستحال أيضًا أن يكون رسول الله -عليه السلام- نفل من الأنفال ما كان يكره، فكان النفل الذي ليس بمكروه هو النفل من الخُمس.

فثبت بذلك أن ما كان رسول الله -عليه السلام- نفله ما رواه عبادة عنه في هذا الحديث هو من الخُمس.

ش: لما انتفت صحة استدلال أهل المقالة الأولى بالأحاديث المذكورة لما ذهبوا إليه، ولم يكن لهم دليل فيها على الوجه المذكور.

أشار إلى بيان ما احتجت به أهل المقالة الثانية من الأحاديث على وجه الصحة، فمنها حديث عبادة بن الصامت، أخرجه في هذا الباب عن قريب بعين هؤلاء الرواة عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد -بالنون- عبد الله بن ذكوان -فيه مقال- عن سليمان بن موسى، عن مكحول الشامي، عن أبي سلام ممطور الحبشي، عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي الصحابي -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>