رسول الله -عليه السلام- غير جبلة قد قبلوا نفل معاوية بن حُديج، فدلَّ أن التنفيل بعد فراغ القتال وإحراز الغنيمة جائز، وهذا يرد ما قلتم.
والجواب عنه ظاهر.
ص: فإن قال قائل: فقد روي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في هذا.
فذكر ما حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن رجل من قومه يقال له: شبر بن علقمة، قال:"بارزت رجلاً يوم القادسية فقتلته، فبلغ سلبه اثني عشر ألفًا، فنفلنيه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-".
قيل له: قد يجوز أن يكون سعد نفله ذلك والقتال لم يرتفع، فإذا كان كذلك فهذا قولنا أيضًا، وان كان إنما نفله بعد ارتفاع القتال فقد يجوز أن يكون جعل ذلك من الخُمس، فإن كان جعله من غير الخُمس فهذا فيه الذي ذكرنا من الاختلاف، فلم يكن في هذا الحديث لأحد الفريقين حجة؛ إذ كان قد يحتمل ما قد صرفه إليه مخالفه.
ش: تقرير السؤال أن يقال: قد ورد عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في هذا الباب ما ينافي ما ذكرتم مما ذهبتم إليه.
أخرجه بإسناد صحيح: عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس العبدي روى له الجماعة، عن شِبر -بكسر الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة، وفي آخره راء- بن علقمة العبدي الكوفي -وثقه ابن حبان.
قوله:"يوم القادسية" -بالقاف- وكان في سنة أربع عشرة من الهجرة، وكان أمير القوم يومئذٍ سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-.
و"القادسية": بلدة ذات نخيل ومياه في أرض العراق، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخًا.