صغيرتين فجاءت امرأة فارضعتهما معًا؛ فإنهما تبينان منه جميعًا, ولا يؤمر أن يختار إحداهما فيمسكها ويفارق الأخرى؛ لأن حرمة الرضاع طرأت عليه بعد نكاحه إياهما، فكذلك الرق الطارئ على النكاح الذي وصفنا، حكمه حكم الرضاع الذي ذكرنا، وهما جميعًا مفارقان؛ لما كان من رسول الله -عليه السلام- في غيلان بن سلمة؛ لأن غيلان لم تكن حرمة الله -عز وجل- لما فوق الأربع تقدمت نكاحه، فيرد حكم نكاحه إليها، وإنما طرأت الحرمة على نكاحه بعد ثبوته كله، فردت حرمة ما حرم عليه من ذلك إلى حكم حادث بعد النكاح، فوجب له بذلك الخيار كما يجب في الطلاق الذي ذكرنا.
ش: هذا السؤال مع جوابه ظاهران.
ص: فإن احتجوا في ذلك أيضًا بما حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا ابن أبي ليلى، عن حميضة بن الشمردل، عن الحارث بن قيس قال:"أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأمرني رسول الله -عليه السلام- أن أختار منهن أربعًا".
حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أنا مغيرة، عن بعض ولد الحارث بن قيس، عن الحارث بن قيس، عن النبي -عليه السلام- نحوه.
قيل لهم: قد يحتمل ما ذكرناه في حديث غيلان، وقد يجوز أيضًا أن يكون رسول الله -عليه السلام- أراد بقوله:"أختر منهن أربعًا" أي أختر منهن أربعًا فتزوجهن، ولا دلالة في هذا الحديث على واحد من هذين المعنيين.
ش: أي فإن احتج أهل المقالة الأولى أيضًا فيما ذهبوا إليه بحديث الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي الصحابي -رضي الله عنه-، أخرجه من طريقين:
الأول: عن صالح بن عبد الرحمن، عن سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني شيخ مسلم وأبي داود، عن هشيم بن بشير، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن حميضة بن الشمردل، عن الحارث بن قيس.