للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الحديث المذكور عن خلاد بن محمد الواسطي، عن محمد بن شجاع الثلجي -بالثاء المثلثة- أحد أصحاب أبي حنيفة، قد تكلموا فيه بما لا ينبغي، عن يزيد بن هارون الواسطي شيخ أحمد، عن سعيد بن أبي عروبة روى له الجماعة، عن معمر بن راشد الأزدي البصري روى له الجماعة، عن محمد بن مسلم الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن النبي -عليه السلام-.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): ثنا يزيد، أنا سعيد بن أبي عروبة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: "أسلم غيلان بن سلمة الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية، وأسلمن معه، فأمره النبي -عليه السلام- أن يختار منهن أربعًا".

وباقي الكلام ظاهر.

ص: فإن قال قائل: فقد ترك أبو حنيفة وأبو يوسف قولهما في شيء قالاه في هذا المعنى؛ وذلك أنهما قالا في الرجل من أهل الحرب سبي وله أربع نسوة وسبين معه: إن نكاحهن كلهن فاسد، ويفرق بينه وبينهن.

قال: فقد كان ينبغي على ما حملا عليه حديث غيلان أن يجعلا له أن يختار منهن اثنتين فيمسكهما ويفارق الاثنتين الباقيتين؛ لأن نكاح الأربع قد كان كله ثابتًا صحيحًا، وإنما طرأ الرق عليه؛ فحرم عليه ما فوق الاثنتين، كما أنه لما طرأ حكم الله في تحريم ما فوق الأربع أمر رسول الله -عليه السلام- غيلان باختيار أربع من نسائه وفراق سائرهن.

قيل له: ما خرج أبو حنيفة وأبو يوسف بما ذكرت عن أصلهما, ولكنهما ذهبا إلى ما قد خفي عليك؛ وذلك أن هذا كان تزوج الأربع في وقت ما تزوجهن بعدما حرم على العبد تزوج ما فوق الاثنتين، فإذا تزوجهن وهو حربي في دار الحرب ما فوق الاثنتين ثم سبي وسبين معه، رُدّ حكمه في ذلك إلى حكم تحريمٍ قد كان قبل نكاحه، فصار كأنه تزوجهن في عقدة بعدما صار رقيقًا، وهو في ذلك كرجل تزوج صبيتين


(١) "مسند أحمد" (٢/ ٨٣ رقم ٥٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>