للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيهقي: عارضت رواية عبد الله بن عمرو رواية ابن عباس، وفيها زيادة ليست في رواية ابن عباس، والمثُبت أولى من النافي.

وقال أيضًا: ومعلوم أن زينب لم تزل مسلمة وكان أبو العاص كافرًا، ووجه ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما زوجها منه قبل نزول قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (١)، ثم أسلم أبو العاص فردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمعا في الإِسلام والنكاح معًا.

ومنها: أن حديث عبد الله بن عباس منسوخ؛ قال صاحب "التمهيد": حديث ابن عباس -وإن صح- فهو متروك منسوخ عند الجميع؛ لأنهم لا يجيزون رجوعه إليها بعد العدة، وإسلام زينب كان قبل أن ينزل كثير من الفرائض، وعن قتادة: كان قبل سورة براءة بقطع العهود بينهم وبين المشركين.

وقال الزهري: كان قبل أن تنزل الفرائض. وقال آخرون: قصة ابن العباس منسوخة بقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (٢)، ويدل على أنها منسوخة: إجماع العلماء على أن أبا العاص كان كافرًا، وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر؛ قال الله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (٣)، فلا يخلو إذا ردها عليه أن يكون كافرًا أو مسلمًا، فإن كان كافرًا فهذا ما لا شك فيه أنه كان قبل نزول الفرائض والأحكام؛ إذ القرآن والسنة والإجماع على تحريم فروج المسلمات على الكفار، وإن كان مسلمًا فلا يخلو أن تكون حاملًا فتمادى حملها ولم تضعه حتى أسلم؛ فردها -عليه السلام- في عدتها، وهذا لم ينقل في خبر، أو تكون خرجت من العدة، فيكون أيضًا منسوخًا بالإجماع أنه لا سبيل له عليها بعد العدة، إلا ما ذكر النخعي وبعض أهل الظاهر، وكيف ما كان فخبر ابن عباس متروك لا


(١) سورة البقرة، آية: [٢٢١].
(٢) سورة الممتحنة، آية: [١٠].
(٣) سورة النساء، آية: [١٤١].

<<  <  ج: ص:  >  >>