وهو ما روي عن علي وعمر -رضي الله عنهما-، وقالوا: إن كانا حربيين في دار الحرب فأسلمت فهي امرأته ما لم تحض ثلاث حيضات، فإن حاضت ثلاث حيض قبل أن يسلم فرق بينهما.
قوله:"أفيجوز" الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار.
قوله:"فَلَإِسلامها" مبتدأ، و"اللام" فيه للتأكيد؛ ولهذا جاءت مفتوحة وخبره قوله:"أحرى أن يبينها".
ص: وأما لنظر في ذلك، فإنا رأينا المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر فقد صارت إلى حال لا يجوز أن يستأنف نكاحها عليها؛ لأنها مسلمة وهو كافر، فأردنا أن ننظر إلى ما يطرأ على النكاح مما لا يجوز معه استقبال النكاح كيف حكمه؟
فرأينا الله -عز وجل- حرَّم الأخوات من الرضاعة، وكان من تزوج امرأة صغيرة لا رضاع بينه وبينها فأرضعتها أمه حرمت عليه بذلك وانفسخ النكاح، فكان الرضاع الطارئ على النكاح في حكم الرضاع المتقدم للنكاح في أشباه لذلك يطول الكتاب بذكرها، وكانت ثمة أشياء يختلف فيها الحكم إذا كانت متقدمة للنكاح وطرأت على النكاح، من ذلك: أن الله -عز وجل- حرَّم نكاح المرأة في عدتها من زوجها، وأجمع المسلمون أن العدة من الجماع في النكاح الفاسد تمنع من النكاح كما تمنع إذا كانت بسبب نكاح صحيح، وكانت المرأة لو وطئت بشبهة ولها زوج فوجبت عليها بذلك عدة لم تبن بذلك من زوجها, ولم تجعل هذه العدة كالعدة المتقدمة للنكاح.
ففرق في هذا بين حكم المستقبل والمستدبر.
فأردنا أن ننظر في المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر، هل تبين منه بذلك؟
ويكون حكم مستقبل ذلك ومستدبره سواء كما كان ذلك في الرضاع الذي ذكرنا أولاً وإلا تبين منه بإسلامها، فلا يكون حكم إسلامها الحادث كهو إذا كان قبل النكاح، فالعدة قبل النكاح كالعدة التي ذكرنا التي فرق بين حكم المستقبل فيها وحكم المستدبر.