للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أن رسول الله -عليه السلام- ردّ على أبي العاص ابنته. قال قتادة: وكان هذا قبل أن تنزل سورة براءة".

ش: هذا من جملة المعاني التي رجحت خبر عبد الله بن عمرو بن العاص على خبر ابن عباس، وكان قد وعد فيما مضى ببيانها، وقد بيَّن بعضها فيما مضى، وبيَّن ها هنا أيضًا بعضها، وهو أن حديث عبد الله بن عباس منسوخ على ما روي عن محمد بن مسلم الزهري وقتادة بن دعامة السدوسي، ولكنهما اختلفا في الناسخ، فقال الزهري: الناسخ هو نزول الفرائض، وقال قتادة: سورة براءة.

وأخرج ذلك عنهما بإسناده جيد واحد.

فإذا كان كذلك فثبت من قولهما انتساخ حديث ابن عباس.

وقال أبو عمر (١): حديث ابن عباس منسوخ عند الجميع بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ. . .} (٢) إلى قوله: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ. . .} (٢) الآية، فلا يجوز رجوعه إليها بعد خروجها من عدتها، وإسلام زينب كان قبل أن ينزل كثير من الفرائض، قاله ابن شهاب. وروي عن قتادة أن ذلك كان قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بينهم وبين المشركين، وفي قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٢) ما يكفي ويغني، والحمد لله.

وقال أبو عمر أيضًا: لم يختلف أهل السير أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} (٢) أنها نزلت في الحديبية حين صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا على أن يرد عليهم من جاءهم بغير إذن وَلِيِّه، فلما هاجرن أبى الله أن يُردَدْن إلى المشركين إذا امتحن بمحنة الإِسلام وعرف أنهن جئن رغبةً في الإِسلام، والله أعلم.

...


(١) "التمهيد" (١٢/ ٢٠).
(٢) سورة الممتحنة، آية: [١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>