تبعهم؛ فإنهم ذهبوا إلى هذه الآثار المذكورة وقالوا: لا ينجس الماء شيء وقع فيه، وأرادوا به من النجاسة؛ لأن وقوع الشيء الطاهر لا ينجسه عندنا أيضًا وإنْ غيّر بعض أوصافه، وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران:"أنه سأل القاسم بن محمَّد وسالم بن عبد الله عن الماء الراكد الذي لا يجري تموت فيه الدابة أَيُشْربُ منه ويُغتسل وتُغسل منه الثياب؟ فقالا: انظر بعينك فإن رأيت ماء لا يدنسه ما وقع فيه فنرجو ألَّا يكون به بأس".
قال: وأخبرني يونس، عن ابن شهاب قال:"كل ماء فيه فضل عما يصيبه [١/ق ٧ - ب]، من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه فهو طاهر يتوضأ به".
قال: وأخبرني عبد الجبار بن عمر، عن ربيعة قال:"إذا وقعت الميتة في البئر فلم يتغير طعمها ولا لونها ولا ريحها؛ فلا بأس أن يتوضأ منها، وإنْ رُؤيت فيها الميتة، قال: وإنْ تغيرت نزع منها قدر ما يذهب الرائحة عنها" هذا قول ابن وهب.
وقال القشيري:"وهو الذي شهره العراقيون عن مالك فاشتهر".
وهو قول لأحمد، ورجحه أيضًا من أتباع الشافعي القاضي أبو المحاسن الروياني صاحب "بحر المذهب".
وفي "البدائع" ما ملخصه: أن الظاهرية استدلت بالآثار المذكورة أن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه أصلًا سواء كان جاريا أم راكد، وسواء كان قليلًا أم كثيرا، تغيّر لونه أو طعمه أو ريحه أو لم يتغير.
وقال ابن حزم في "المحلى"(١): وممن روي عنه القول بمثل قولنا: "إن الماء لا ينجسه شيء": عائشة أم المؤمنين وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله ابن العباس والحسن بن علي بن أبي طالب وميمونة أم المؤمنين وأبو هريرة وحذيفة ابن اليمان - رضي الله عنهم - والأسود بن يزيد وعبد الرحمن أخوه وعبد الرحمن بن أبي ليلى