للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان محتملًا للمعنيين لم يجز أن يصرف إلى أحد المعنيين إلا بدليل يدل عليه، فنظرنا في ذلك فوجدنا رواية أخرى عن أسامة بن زيد تدل على أن المراد من الكافر هو الذي له ملة، فإذا كان كذلك، والردة ليست بملة؛ كان حكم ميراث المرتدين كحكم ميراث المسلمين.

ثم إسناد الحديث المذكور صحيح، وهشيم هو ابن بشير.

وأخرجه النسائي (١): عن علي بن حجر، عن هشيم، عن الزهري، عن علي، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد نحوه.

ص: فإن قال قائل: فأنت لا تورثهم من المسلمين، فكذلك لا تورث المسلمين منهم.

قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنَّا قد رأينا من يمنع الميراث بفعل كان منه ولا يمنع ذلك الفعل أن يورث، من ذلك: أنا رأينا القاتل لا يرث من قتله، ورأيناه لو جرح جراحةً ثم مات الجارح ثم مات المجروح من الجراحة والجارح أبو المجروح أنه يرثه، فقد صار المقتول يرث من قتله ولا يرث القاتل ممن قتل؛ لأن القاتل عوقب بقتله بمنع الميراث ممن قتل، ولم يمنع المقتول من الميراث ممن جرحه الجراحة التي قتلته إذا كان لم يفعل شيئًا، فكذلك المرتد منع من ميراث غيره عقوبة لما أتى، ولم يمنع غيره من الميراث منه إذا لم يكن منه ما يعاقب عليه، فثبت بذلك قول من يورث من المرتد ورثته من المسلمين.

ش: تقرير السؤال أن يقال: إن المرتدون لا يرثون من المسلمين بلا نزاع؛ لأجل الارتداد المانع من الإرث، فكان ينبغي أن لا يرث المسلمون المرتدين أيضًا لوجود العلة المانعة من الإرث.

وتقرير الجواب: منع صحة القياس -أعني قياس عدم توريث المسلمين من


(١) "سنن النسائي الكبرى" (٤/ ٨٢ رقم ٦٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>