وقال شريح وابن أبي ليلى: الكفر ثلاث ملل: فاليهودية ملة، والنصرانية ملة، وسائر ملل الكفر من المجوس وغيرهم ملة واحدة؛ لأنهم لا كتاب لهم.
وقال أبو عمر: إن توفي النصراني الذمي وترك اثنين أحدهما حربي والآخر ذمي، فإن الشافعي قال: المال بينهما نصفان، وكذلك لو كان الميت حربيًّا.
وقال أبو حنيفة وأصحابه وبعض أصحاب مالك: إن كان ذميًّا ورثه الذمي دون الحربي، وإن كان حربيًّا ورثه الحربي دون الذمي.
ص: وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن ذلك الكافر الذي عناه النبي -عليه السلام- في هذا الحديث لم يبيَّن لنا فيه أي كافر هو؟ فقد يجوز أن يكون هو الكافر الذي له ملة، ويجوز أن يكون هو الكافر كل كفر ما كان ملة أو غير ملة، فلما احتمل ذلك لم يجز أن يصرف إلى أحد المعنيين دون الآخر إلا بدليل يدل على ذلك.
فنظرنا في ذلك فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا، قال: ثنا أسد بن موسى، ثنا هشيم، عن الزهري، قال: ثنا علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، قال: قال النبي -عليه السلام-: "لا يتوارث أهل الملتين، لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم".
فلمَّا جاء هذا عن رسول الله -عليه السلام- بما ذكرنا علمنا أنه أراد الكافر ذا الملة، فلما رأينا الرِّدَّة ليست بملة، ورأيناهم مجمعين أن المرتدين لا يرث بعضهم بعضًا؛ لأن الرِّدَّة ليست بملة؛ ثبت أن حكم ميراثهم حكم ميراث المسلمين.
ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى: أن ذلك الكافر الذي عناه -أي قصده- النبي -عليه السلام- في الحديث المذكور. . . إلى آخره.
أراد أن لفظ "الكافر" في قوله: "لا يرث المسلم الكافر" لفظ مُجمل لم يبيّن منه المراد أي كافر هو؟ فقد يجوز أن يكون المراد منه أي كافر كان ممن كانت لهم ملة أو لم تكن، ويجوز أن يكون الكافر الذي له ملة.