للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ميراثه لورثته من المسلمين.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سفيان الثوري والليث بن سعد وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وإسحاق، فإنهم قالوا: ميراث المرتد لورثته من المسلمين، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود.

وقال الأوزاعي: إن قتل في أرض الإِسلام فماله لورثته من المسلمين.

وقال أبو عمر: إجماع المسلمين كافة: أن الكافر لا يرث المسلم.

واختلفوا في المسلم هل يرث الكافر؟ فذهب جماعة من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار وكل من تكلم في الفقه من أهل الحديث: أن المسلم لا يرث الكافر، واحتجوا على ذلك بالحديث المذكور، إلا أنهم اختلفوا في معنى هذا الحديث في ميراث المرتد على ما ذكرنا، واختلفوا أيضًا في توريث اليهودي من النصراني ومن المجوسي على قولين:

فقالت طائفة: الكفر كله ملة واحدة وجائز أن يرث الكافر الكافر كان على شريعته أو لم يكن، وممن قال بهذا القول: الثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن شبرمة وأكثر الكوفيين، وهو قول إبراهيم.

وقال مالك وأصحابه: الإِسلام ملة واحدة واليهودية والنصرانية ملة، لا يجوز أن يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي، ولا المجوسي منهما؛ لقوله -عليه السلام-: "لا يتوارث أهل ملتين" (١)، وبه قال فقهاء البصرة وطائفة من أهل الحديث، وهو قول ابن شهاب وربيعة والحسن وشريك ورواية عن الثوري، قالوا: الكفر ملل مفترقة، لا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى وتأول أهل القول الأول قوله -عليه السلام-: "لا يتوارث أهل ملتين" فقالوا: الكفر كله ملة، والإِسلام ملة.


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٤٠ رقم ٢٩١١)، وابن ماجه (٢/ ٩١٢ رقم ٢٧٣١) من حديث عبد الله ابن عمرو، والترمذي (٤/ ٤٢٤ رقم ٢١٠٨) من حديث جابر، والنسائي في "الكبرى" (٤/ ٨٢ رقم ٦٣٨١) من حديث أسامة بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>