وهذا هو وجه النظر والقياس، وهو قول أصحابنا -رحمهم الله-.
ص: وإنما زال ملك المرتد باللحوق بدار الحرب لخروجه من دارنا إلى دار الحرب على طريق الاستخفاف مع كونه مقاتلًا لنا مباح الدم في دارنا، بدليل الحربي يدخل إلينا بغير أمان ثم يعود إلى دار الحرب؛ أن أملاكه ها هنا تزول لهذا المعنى.
ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: إنكم قلتم: إن بالارتداد لا يزول الحظر المتقدم عن مال المرتد بخلاف دمه، حتى لا يزول ملكه عن ماله بناءً على ذلك، فكيف تقولون: إنه إذا لحق بدار الحرب يزول ملكه؟
وأجاب عن ذلك بقوله: وإنما زال ملك المرتد. . . إلى آخره، وهو ظاهر.
ص: فإن قيل: المستأمن إلينا إذا عاد إلى داره وخلف مالاً ها هنا لم يزل عنه ملكه مع وجود هذا المعنى.
قيل له: لم يخرج مستخفًّا؛ لأنه في أماننا إلا أن يدخل في دار الحرب، والله أعلم.
ش: هذا السؤال وارد على الجواب المذكور، تقريره أن يقال: إنكم قلتم: إن ملك المرتد يزول بلحاقه بدار الحرب؛ لخروجه من دارنا إلى دارهم على طريق الاستخفاف، ولم تقولوا كذلك في المستأمن إذا عاد إلى دار الحرب وخلف مالاً في دار الإِسلام، بل تقولون: إن ملكه لا يزول.
قوله:"مع وجود هذا المعنى" وهو اللحاق بدار الحرب.
وتقرير الجواب أن يقال: إن الحربي لم يخرج إلى دار الحرب على طريق الاستخفاف؛ لأنها داره، وهو في أمان المسلمين إلى أن يدخل داره، بخلاف المرتد؛ فإن دار الحرب ليست داره وإنما خرج إليها على طريق الاستخفاف بدين الإِسلام والمسلمين، فحكمنا عند ذلك بزوال ملكه؛ لارتفاع عصمته وعقوبة عليه، فافهم، والله أعلم.