عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة:"أن رسول الله -عليه السلام- حمى النقيع، وقال: لا حمى إلا لله -عز وجل-".
قوله:"لا حمى" حمى على وزن فِعَل -بكسر الفاء وفتح العين- بمعنى محمي أي محظور لا يقرب، وأحميت المكان: جعلته حمىً، وقال الكسائي: سمعت في تثنيته: حموان، والوجه: حميان، وأصل الكلمة من حميته حماية أي دفعت عنه، وهذا شيء حمىً.
قال ابن الأثير: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضًا في حيه استعوى كلبًا فحمى مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فنهى النبي -عليه السلام- عن ذلك وأضاف الحمى إلى الله ورسوله؛ أي إلا ما يحمى للخيل التي تنصب للجهاد، والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله تعالى.
وقال الخطابي:"لا حمى إلا لله ولرسوله" يريد لا حمى على معنى ما أباحه رسول الله -عليه السلام- على الوجه الذي حماه.
قوله:"حرم النَّقِيع" -بفتح النون وكسر القاف- وهو موضع قريب من المدينة كان يستنقع فيه الماء -أي يجتمع- ويقال: بينه وبين المدينة عشرون ميلًا، وقيل عشرون فرسخًا، ومساحته بريد في بريد، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد حماه لنعم الفيء وخيل المجاهدين فلا يرعاه غيرها، وقال الخطابي: النقيع مكان معروف مستنقع للمياه ينبت فيه الكلأ، حماه رسول الله -عليه السلام- لمهازيل إبل الصدقة ولضعف الخيل.
وأخرج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن علي بن عياش -بالياء آخر الحروف والشين المعجمة- بن مسلم الألهاني الحمصي شيخ البخاري، عن شعيب بن أبي حمزة دينار القرشي الحمصي روى