للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ولا جدعاء" الجدع قطع الأنف والأذن أو الشفة وهو بالأنف أخص فإذا أطلق غلب عليه.

قوله: "أن نستشرف" أي بأن نستشرف أي بالاستشراف وقال الترمذي: أي ننظر أصحيحة أم لا، والاستشراف: أن تضع يدك على حاجبك وتنظر كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء وأصله من الشرف: العلو، كأنه ينظر إليه من موضع مرتفع فيكون كثر لإدراكه، والمعنى ها هنا: أن يتأمل سلامة العين والأذن من آفة تكون بهما، وقيل: هو من الشرفة، وهي خيار الآل، أي أمرنا أن نتخيرها.

قوله: "إذا بلغت المنسك" أي الذبح من نسك ينَسْك إذا ذبح والنسيكة الذبيحة وتجمع على نسك ثم المنسك بفتح السين وبكسرها وقد روي بهما في قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (١).

ص: فإن قال قائل: فأنت لا تكره عضباء القرن وفي حديث جُري بن كليب عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه السلام- النهي عنها.

قيل له: إنما تركنا ذلك لأن عليًّا -رضي الله عنه- لم ير بأسًا فيما قد رويناه عنه في حديث حجية بن عدي فعلمنا بذلك أن عليًّا -رضي الله عنه- لم يقل بعد رسول الله -عليه السلام- خلاف ما قد سمعه من رسول الله -عليه السلام- إلا بعد ثبوت نسخ ذلك عنده.

ش: تقرير السؤال أن يقال: إن أبا حنيفة وأصحابه الذين هم من أهل المقالة الثانية قد احتجوا فيما ذهبوا إليه من أن العيوب الأربعة غير مختصة بمنع الأضحية بل غير ذلك أيضًا يمنع كما قد بيناه ومن جملة ما احتجوا به في ذلك حديث علي -رضي الله عنه- الذي رواه عنه جري بن كليب وفيه النهي عن عضباء القرن، ومع ذلك فهم يجيزون عضباء الأذن ولا يكرهونها فيكونون حينئذ تاركين لما قد احتجوا به فأجاب عنه بقوله: "إنما تركنا ذلك لأن عليًّا -رضي الله عنه- روي عنه في حديث حجية بن


(١) سورة الحج، آية: [٦٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>