للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدي أنه لم ير بذلك بأسًا حيث قال: "لا يضرك" لما سأله الرجل عن مكسورة القرن، فعلم من ذلك أن عليًّا -رضي الله عنه- لم يقل ما قاله بعد رسول الله -عليه السلام- بخلاف ما قد سمع عن النبي -عليه السلام- إلا بعد ثبوت نسخ ذلك عنده إذ لا يجوز على علي بن أبي طالب أن يفتي بخلاف ما سمع من النبي -عليه السلام- إلا بهذا الطريق، على أنا نقول: إن ابن حزم قد ضعَّف خبر جري بن كليب، حيث قال (١): وروي في الأعضب أثر أنه لا يجزئ ولا يصح لأنه من طريق جري بن كليب، وليس مشهورًا.

ص: وأما حديث أبي سعيد الخدري الدي رويناه من حديث إبراهيم بن محمد الصيرفي فحديث فاسد في إسناده ومتنه وقد بين ذلك شعبة.

حدثنا عبد الغني بن رفاعة أبو عقيل قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة، عن جابر، عن محمد بن قرظة، عن أبي سعيد قال -ولم يسمعه منه-: "إنه اشترى كبشًا ليضحي به، فأكل الذئب ذنبه -أو بعض ذنبه- فسأل النبي -عليه السلام- عن ذلك، فقال: ضحِّ به".

فقد فسد إسناد هذا الحديث بما ذكرنا وفسد متنه؛ لأنه قال: قطع ذنبه أو بعض ذنبه فإن كان البعض هو المقطوع فيجوز أن يكون ذلك أقل من ربعه، وذلك لا يمنع أن يضحى به في قول أحد من الناس، ولو كان الحديث كما رواه إبراهيم بن محمد أنه قطع أليته لاحتمل أن يكون ذلك على بعضها؛ لأنه قد يقال: قطع أليته إذا قطع بعضها، كما يقال: قطع أصبعه إذا قطع بعضها.

فتصحيح هذه الآثار يمنع أن يضحى بالأربع التي في حديث البراء: أو بالمقابلة أو بالمدابرة وهي المشقوقة أكثر أذنها من قبلها أو دبرها فإذا كان ذلك لا يجزئ في الأضاحي فالمقطوعة الأذن أحرى أن لا تجزئ، وكذلك في النظر عندنا كل عضو قطع من شاة مثل ضرعها أو أليتها فذلك يمنع أن يضحى بها وكل ما كان من هذا


(١) "المحلى" (٧/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>