للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر (١): قال معمر عن الحسن في قول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٢): نزلت في قوم ذبحوا قبل أن ينحر النبي -عليه السلام- أو قبل أن يصلي، فأمرهم النبي -عليه السلام- أن يعيدوا.

قلت: أخرج عبد الرزاق عن معمر ذلك.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: من نحر بعد صلاة الإِمام أجزأه ذلك ومن نحر قبل الصلاة فلم يجزئه ذلك.

ش: أي خالف القومَ المذكورين جماعةٌ آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدًا وأحمد، فأنهم قالوا: من نحر بعد صلاة الإِمام أجزأه ذلك، وإذا نحر قبل الصلاة لم يجزئه.

وقال أبو عمر: قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والليث بن سعد: لا يجوز ذبح الأضحية قبل الصلاة ويجوز بعد الصلاة قبل أن يذبح الإِمام، وقال أحمد بن حنبل: إذا انصرف الإِمام فاذبح، وهو قول إبراهيم، وقال إسحاق: إذا فرغ الإِمام من الخطبة فاذبح، واعتبر الطبري قدر مضي وقت صلاة النبي -عليه السلام- وخطبته بعد ارتفاع الشمس، وحكى المزني نحوه عن الشافعي، وذكر الربيع بن سليمان في كتاب "البويطي عن الشافعي"، قال: قال الشافعي: ولا يذبح أحد حتى يذبح الإِمام إلا أن يكون ممن لا يذبح، فإذا صلى وفرغ من الخطبة حل الذبح.

ص: وقالوا: قد روي عن ابن الزبير: أن هذه الآية نزلت في غير هذا، فذكروا ما حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل قال: ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج أن ابن أبي مليكة أخبره، أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أخبره: "أن ركبا من بني تميم قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "التمهيد" (٢٣/ ١٨٢).
(٢) سورة الحجرات، آية: [١].

<<  <  ج: ص:  >  >>