وأخرجه الترمذي (١): ثنا قتيبة قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عابس بن ربيعة قال:"قلت لأم المؤمنين: كان رسول الله -عليه السلام- ينهى عن لحوم الأضاحي؟ قالت: لا, ولكن قلَّ من كان يضحي في الناس، فأحب أن يطعم من لم يكن يضحي ولقد كنا نرفع الكراع فنأكله بعد عشرة أيام".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأم المؤمنين هي عائشة زوج النبي -عليه السلام-.
قوله:"ليطعم مَنْ ضحى منهم مَنْ لم يضح" فقوله ليطعم: من الإطعام، و"مَنْ" الأولى في محل الرفع على الفاعلية و"مَنْ" الثانية في محل النصب على المفعولين.
قوله:"ولقد رأيتنا" بضم التاء أي: لقد رأيت أنفسنا.
ص: وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أيضًا: أن ذلك القول من رسول الله -عليه السلام- لم يكن على العزيمة، ولكنه كان على الترغيب منه لهم في الصدقة.
حدثنا فهد قال: ثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: ثنا عبيد الله، عن أبي الأسود، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن سعيد عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت في لحوم الأضاحي:"كنا نصلح منه، فيقدم به الناس إلى المدينة فقال: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام" ليست بالعزيمة ولكن أراد أن يطعموا منه فلم يخل نهي رسول الله -عليه السلام- عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أحد وجهين: إما أن يكون ذلك على التحريم أو يكون ذلك على الحض منه لهم على الصدقة والخير، فإن كان ذلك على الحض منه لهم على الصدقة لا على التحريم، فذلك دليل على أن لا بأس بادخار لحوم الأضاحي وأكلها بعد الثلاث، وإن كان ذلك كان من رسول الله -عليه السلام- على التحريم فقد كان منه بعد ذلك ما قد نسخ وأوجب التحليل، فثبت بما ذكرنا إباحة ادخار لحوم الأضاحي وأكلها في الثلاث وبعدها، وهذا قول أبي حنفية وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.