ش: هذا جواب آخر عن الأحاديث التي احتجت بها أهل المقال الأولى فيما ذهبوا إليه من عدم جواز أكل لحوم الأضاحي فيما فوق الثلاث، بيانه: أن ما روي عن النبي -عليه السلام- من نهيه عن ذلك فيما فوق الثلاث لم يكن ذلك عنه -عليه السلام- على العزيمة يعني التأكيد في المنع والحظر، ولكن كان ذلك نهي شفقة وإرشاد؛ ترغيبًا لهم في الصدقة، وحثًّا عليهم بها في مثل هذه الأيام الشريفة ليطعم الذي ضحى من لم يضح ويواسي به الغني الفقير وقد صرحت بذلك عائشة في هذا الحديث حيث قالت: فقال: "لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام ليست بالعزيمة ولكن أراد أن يطعموا منه" فإذا كان كذلك بطل استدلال أهل المقالة الأولى بتلك الأحاديث فيما ذهبوا إليه.
قوله:"فلم يخل نهي رسول الله -عليه السلام-. . ." إلى آخره ظاهر غني عن البيان.
وإسناد هذا الحديث صحيح، وأبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث وشيخ البخاري.
وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- القرشي العدوي العمري المدني روى له الجماعة.
وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي المدني يتيم عروة روى له الجماعة.
وعمرة هي بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية روى لها الجماعة.
وأخرجه البخاري (١): نا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي أبو بكر عن سليمان -هو ابن بلال- عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"الضحية كنا نملح منها فنقدم به إلى النبي -عليه السلام- بالمدينة فقال: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام وليست بعزيمة ولكن أراد أن يُطعم منه".