للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ما ذكرتموه من تحريم النبي -عليه السلام- صيد المدينة وشجرها، فقد كان فعل ذلك ليس أنه جعله كحرمة صيد مكة، ولا حرمة شجرها، ولكنه أراد بذلك بقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها، وقد رأينا رسول الله -عليه السلام- منع من هدم آطام المدينة، وقال: إنها زينة المدينة.

حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا يحيى بن معين قال: ثنا وهب بن جرير، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن آطام المدينة أن تهدم".

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إسحاق بن محمد الفروي، قال: ثنا العمري. . . فذكر بإسناده مثله.

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر أن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا تهدموا الآطام فإنها زينة المدينة".

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب، قال: ثنا الدراوردي. . . فذكر بإسناده مثله.

أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- نهاهم عن هدم آطام المدينة؛ لأنها زينة لها، قالوا: فكل ما نهاهم عنه من قطع شجرها وقتل صيدها، إنما هو لأن ذلك زينة للمدينة فأراد أن يترك لهم فيها زينتها ليألفوها ويطيب لهم بذلك سكناها؛ لا لأنها تكون في ذلك كمكة في حرمة صيدها ونباتها ووجوب الجزاء على من انتهك شيء من ذلك.

ش: أي خالف المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وابن والمبارك وأبا حنيفة، وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: ليس للمدينة حرم كما كان لمكة، فلا يمنع من أخذ صيدها وقطع شجرها.

قوله: "فقالوا ما ذكرتموه. . . إلى آخره" جواب عن الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى، بيانه أن يقال: إن تحريم النبي -عليه السلام- المدينة ليس على المعنى الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>