هذا المعنى، أي خشيته كونه ممسوخًا مع أنه -عليه السلام- لم يحرمه؛ إنما كان تركه -عليه السلام- الأكل لأجل عِيَافَتِه وتنزيهه.
بيان ذلك أنه جاء في حديث سمرة وثابت بن وديعة وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-، أن النبي -عليه السلام- إنما تركه لأجل خوفه أن يكون مما مسخ، ومع هذا يحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك، ويحتمل أن يكون امتنع عنه لأجل تنزيهه وعيافته.
فنظرنا في ذلك، فوجدنا حديث أبي سعيد الخدري قد دل على أنه لم يحرمه مع خوفه أن يكون من الممسوخات، فرجح هذا الحديث أحد الاحتمالين المذكورين، فثبت أنه غير محرم، فافهم.
أما حديث سمرة -رضي الله عنه- فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري، عن عفان بن مسلم الصفار، عن عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي، عن حصين -بضم الحاء- بن قبيضة الفزاري الكوفي، وثقه ابن حبان، عن سمرة بن جندب.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(١): ثنا هشام بن عبد الملك بن أبي عوانة، وثنا عفان، نا عبد الملك بن حصين -رجل من بني فزارة- عن سمرة بن جندب، قال: أتى نبي الله -عليه السلام- أعرابي وهو يخطب، فقطع عليه خطبته، فقال: يا رسول الله، كيف تقول في الضب؟ فقال: أمة مسخت من بني إسرائيل، فلا أدري أي الدواب مسخت؟.
وأما حديث ثابت بن وديعة فأخرجه من ثلاث طرق جياد حسان:
الأول: عن فهد بن سليمان، عن حيوة بن شريح الحضرمي الحمصي شيخ البخاري وأبي داود، عن بقية بن الوليد الحمصي، عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب الصحابي، عن ثابت بن وديعة الصحابي.