للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فإن قال قائل: فقد رويتم عن ابن عباس إباحتها وما احتج به في ذلك من قول الله -عز وجل-: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} (١) الآية.

قيل له: ما قاله رسول الله -عليه السلام- من ذلك فهو أولى مما قاله ابن عباس، وما قاله رسول الله -عليه السلام- فهو مستثنى من الآية، على هذا ينبغي أن يحمل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا المجيء المتواتر في الشيء المقصود إليه بعينه مما قد أنزل الله في كتابه آية مطلقة على ذلك الجنس، فيجعل ما جاء عن رسول الله -عليه السلام- من ذلك مستثنى من تلك الآية غير مخالف لها حتى لا [يُضَادَ] (٢) القرآن والسنة، ولا السنة القرآن.

فهذا حكم لحوم الحمر الأهلية من طريق تصحيح الآثار، ولو كان [إلى] (٣) النظر لكان [لحوم] (٤) الحمر الأهلية حلالا، وكان ذلك كحكم الحمر الوحشية؛ لأن كل صنف قد حرم إذا كان أهليًّا، مما قد أجمع على تحريمه، فقد حرم إذا كان وحشيا، ألا ترى أن لحم الخنزير الوحشي كلحم الخنزير الأهلي، فكان النظر على ذلك أيضًا إذا كان الحمار الوحشي لحمه حلالًا أن يكون كذلك الحمار الأهلي، ولكن ما جاء عن رسول الله -عليه السلام - أولى ما اتبع، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: هذا السؤال من جهة أهل المقالة الأولى القائلين بإباحة لحم الحمر الأهلية، تقريره أن يقال: إنكم قد رويتم عن ابن عباس إباحة لحم الحمر الأهلية وما احتج به فيما ذهب إليه من ذلك من قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٥) الآية، وقد مضى هذا في حديث الحكم بن عمرو الغفاري، ولا شك أن الآية أقوى في الاستدلال وأقطع في الاحتجاج.


(١) سورة الأنعام، آية: [١٤٥].
(٢) في "الأصل": "يتضاد"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٣) ليست في "الأصل"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٤) ليست في "الأصل"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٥) سورة الأنعام، آية: [١٤٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>