وروى ابن حزم من طريق عكرمة بن عمارة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر:"نهى رسول الله -عليه السلام- عن لحوم الحمر الأهلية والخيل والبغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير، وحرم المجثمة".
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بأكل لحوم الخيل (١) واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال:"كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله -عليه السلام-".
حدثنا فهد، قال: ثنا الأصبهاني: قال: أنا شريك، عن عبد الكريم ووكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم. . . . فذكر بإسناده مثله.
حدثنا محمَّد بن عمرو، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن امرأته فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت:"نحرنا فرسًا على عهد رسول الله -عليه السلام- فأكلناه".
وفي هذا الباب آثار قد دخلت في باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية فأغنانا ذلك إعادتها.
فذهب قوم إلى هذه الآثار، فأجازوا أكل لحوم الخيل، وممن ذهب إلى ذلك: أبو يوسف ومحمد، واحتجوا في ذلك بتواتر الآثار في ذلك وتظاهرها، ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل الأهلية والحمر الأهلية فرق، ولكن الآثار عن النبي -عليه السلام- إذا صحت وتواترت أولى أن يقال بها مما يوجبه النظر ولاسيما وقد أخبر جابر بن عبد الله في حديثه أن رسول الله -عليه السلام- أباح لحم لحوم الخيل في وقت منعه إياهم من لحوم الحمر، فدل ذلك على اختلاف حكم لحمها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وإبرهيم النخعي والثوري والشافعي وطاوس ومحمدًا وأحمد