للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي، قال: سمعت محمَّد بن إسحاق يحدث، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي -عليه السلام- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها".

وأخرجه الترمذي (١): عن محمَّد بن بشار نحوه، وقال: حديث حسن غريب. وأخرجه ابن ماجه (٢) أيضا.

ص: فكانت هذه الآثار حجة لأهل هذه المقالة على أهل المقالة الأولى وموجبة الحجة عليهم؛ لأن في هذه الآثار تأخرت الإباحة عن النهي على ما ذكرنا في حديث جابر فهي ناسخة للآثار التي ذكرناها في أول هذا الباب.

ش: أراد بهذه الآثار: أحاديث عبد الله بن عمر وعائشة وأبي قتادة وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -، وهذه حجة لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه من عدم كراهة استقبال القبلة للغائط والبول في جميع الأماكن على أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من كراهة ذلك في جميع الأماكن وذلك لأن أحاديث هؤلاء تخبر بأن الإباحة قد تأخرت عن النهي عن ذلك، فإذا كان كذلك تصير أحاديث هؤلاء ناسخة للأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى، وهي أحاديث أبي أيوب الأنصاري ورجل من الأنصار وعبد الله بن الحارث بن جزء وسلمان وأبي هريرة ومعقل بن أبي معقل - رضي الله عنهم -.

ص: وقد خالف قوم القولين جميعًا؛ فقالوا: بل نقول: إن هذه الآثار كلها لا ينسخ شيء منها شيئًا؛ وذلك أن عبد الله بن الحارث أخبر في حديثه أنه أول من سمع النبي -عليه السلام- ينهى عن ذلك قال: "وأنا أول من حدث الناس بذلك" فقد يجوز أن يكون ذلك النهي لم يقع على البول والغائط في جميع الأماكن ووقع على خاصٍّ منها وهي الصحاري، ثم جاء أبو أيوب فكانت حكايته عن النبي -عليه السلام- هي النهي


(١) "جامع الترمذي" (١/ ١٥ رقم ٩).
(٢) "سنن ابن ماجه" (١/ ١١٧ رقم ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>