للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فكره قوم أكل البقول ذوات الريح أصلًا، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: شريك بن حنبل الكوفي، وعطاء، وطائفة من الظاهرية؛ فإنهم ذهبوا إلى كراهة أكل البقول ذوات الريح نحو الثوم والبصل والكراث والفجل إذا تُجُشِّيء منه، ونحو ذلك، سواء كان نيئا أو مطبوخًا، وروي ذلك أيضًا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): وروينا عن علي بن أبي طالب، وشريك بن حنبل من التابعين: تحريم الثوم النيء.

قال عليّ (٢): ليس حرامًا؛ لأن النبي -عليه السلام- أباحه في الأخبار.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: إنما نهى النبي -عليه السلام- عن أكلها لا لأنها حرام، ولكن لئلا يؤذي بريحها من يحضر معه المسجد.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جماهير العلماء من السلف وأئمة الفتوى منهم الأئمة الأربعة وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: لا يكره أكل البقول ذوات الريح، وذلك لأن نهي النبي -عليه السلام- عن أهلها لم يكن لأجل أنها حرام، ولكن لئلا يؤذي آكلها بريحها من يحضر معه المساجد.

قال عياض: النهي عن حضور المساجد لمن أكلها ليس بتحريم لها؛ بدليل إباحة النبي -عليه السلام- إياها لمن حضره من أصحابه وتخصيصه نفسه بالعلة التي ذكرها من قوله: "وإني أناجي من لا تناجي" وبقوله: "وليس لي تحريم ما أحل الله، ولكني أكرهها" وكذلك حكم أكل الفجل لمن يتجشئ منه أو غير ذلك مما تستفيح رائحته ويتأذى به.


(١) "المحلى" (٤/ ٤٩).
(٢) هو علي بن أحمد وهو ابن حزم، كما في "المحلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>